الموت والحياة

موضوع: الموت والحياة 9th أبريل 2009, 4:47 am

الموت والحياة

ــــــــ

إن الحديث عن الموت والحياة حديث يمكن أن يلخص
فى سطور قليلة فالموت خلق من خلق الله لقوله سبحانه ( الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ولعلنا نلاحظ أن المولى سبحانه قد قدم الموت على الحياة فلم ؟

أولاً : أن الموت يسبق الحياة لقولة تعالى ( كيف تكفرون باله وكنتم أمواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) البقرة 28 .

ثانيا : أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى الموت حتى إذا تذكرناه سارعنا إلى الخير والعمل الصالح ولكننا لسنا فى حاجة إلى من يلفتنا إلى الدنيا فدوافع الحياة متمكنة متأصلة فى النفس البشرية من منا ناسيا راتبة أو طعامه أو شرابه ولكننا فى غفلة عن الموت فقد تمر سنوات دون أن نتذكر أننا سنموت ونلقى الله بل إننا إذا ذكرنا إنسان بذلك فإننا نحاول أن نبعد الصورة عن اذهاننا ونستفيد منها ، إذن فنحن محتاجون دائماً لمن ينبهنا إلى الحقيقة ، حقيقية الموت ، والموت هو انتهاء الارادة البشرية ، فما دمت حيا فإنك تستطيع أن تفعل كذا أولا تفعل ويكون لك اختيار وبدائل ولكن متى جاء الموت انتهى هذا الاختيار تماماً ولم يعد لك اختيار فيما سيفعل بك أو سيقع عليك من احداث من لحظة الموت إلىيوم القيامة فالارادة البشرية انتهت مهمتها فى اختبارات الدنيا ومادامت قد انتهت إلى حياة البرزخ وحيدا حتى من ارادتك التى سلبت منك مع سلب حياتك والله سبحانه وتعالى يقول " كل نفس ذائقة الموت " العنكبوت 57 . فالموت قد علمناه فهل للموت مذاق وطعم مثل الطعام مثلاً ؟ الذوق هو الاحساس الصارخ الذى يحس به كيانك كله فأنت ترى مثلا بعينيك وتسمع بأذنيك وتلمس بيديك وتشم بأنفك ولكن الذوق باللسان هو الشئ الذى يستشعره الجسم كله فيعطيك الاحساس باللذة وحلاوة الطعم وتسرى فائدته فى الجسد كله إذن قوله الله سبحانه وذوقوا عذاب الحريق يعنى أن الكفار حين يعذبون فى النار يصل الحريق إلى كل خلية من أجسادهم وقول الحق كل نفس ذائقة الموت أراد الله أن يعطينا بها معنى الاحاطة فكأن كل خلية لا يؤثر الموت على الحواس فقط ولا على العقل والقلب فقط ولكنه يشمل كل خلية فى جسد الانسان وله تأثير عليها وهى تحس به وتتأثر به وهذا هو المعنى الذى نفهمه من قول الحق كل نفس ذائقة الموت .

موعد الموت

ــــــــ

علاقة الإنسان بالقيامة تختلف باختلاف مراحل الحياة فهو فى الحياة الدنيا محجوب عن كل ما سيحدث يوم القيامة فإذا مات أبصر أشياء وحجبت عنه أشياء ، فإذا بعث رأى كل شئ عين اليقين أى كواقع وحقيقة والله سبحانه وتعالى أخفى عنا موعد الأجل وذلك لحكمة ورحمة .

أما الحكمة : فإننا نتوقعه فى كل لحظة وننتظر أنه سيحدث فى كل لحظة وهذا يصنع فى الانسان المؤمن الخير فمادام لا يعرف متى سيلقى الله تعالى فإنه يسارع فى الخير ويغتنم الفرصة ليفعل كل ما يستطيع من الخير والمسارعه فى الخير تعود على الناس كلهم فكلما فعل الإنسان خيراً انتفع به المجتمع كله وهكذا يريد الله سبحانه وتعالى منا أن نسارع فى الخيرات هذه واحدة .

أما الثانية : فهى أن تبتعد عن المعاصى لأننا لا نعرف ما إذا كان الأجل سيمتد بنا حتى نتوب أم لا فنبتعد عن المعاصى خوفا من أن يداهمنا الأجل فنلقى الله ونحن على معصية . إذن خفاء موعد الموت عنا هو إعلام به أولاً لأننا نتوقعه فى كل لحظة وهو دافع لنا على عمل الخيرات والبعد عن المعاصى ، أما الرحمة فهى أننا لو عرفنا موعد اجلنا لظللنا طوال عمرنا فى هم عميق وأنت تنتظره وفى كل يوم ستقول لم يبق لى على الأرض إلا كذا . لم يبق لى لاترك أولادى إلا كذا . سأترك أولادى صغاراً إلا يستطيعون مواجهة الحياة هكذا تبقى فى هم وغم طوال حياتك ولذلك رحمة من الله أخفى عنا موعد الموت لنستطيع أن نقبل على الحياة بأمل أننا سنعيش بل إن الإنسان يحلم بأنه سيظل كذا وكذا فى العام القادم أو الذى يليه وربما يكون آجله بعد أسبوع أو أسبوعين أو ربما لحظات قليلة ولكن هذا الأمل فى الحياة يجعله يبنى ويعمل وينفق فيفيد المجتمع كله فأى بناء من الأرض مهما يكن هدفه يفيد المجتمع لانه يفتح أبواب الرزق للناس كل الناس إذن فلفائدتى ولفائدة المجتمع أخفى الله عنا الموت وموعده ولكننا نعرف أننا سنلاقيه .

ويقول بعض العرفين : إن سهم الحياة والموت ينطلقان معا وأن ملك الموت فى حالة بحث دائم عن ذلك المكلف بقبض روحه فلا يجده ولا يعثر عليه
إلا ساعه يشاء الله تعالى لهذا الأجل أن ينتهى ففى هذه الساعه يلقى ملك الموت مع ذلك الذى انتهى أجله ولكن قبلها لا يلتقيان أبداً وقوله تعالى " تفرون منه " لأن الانسان إذا رأى أى شبهة الموت فى أى عمل كأن يكون فى
هذا العمل خطورة قد تؤدى به إلى الموت فإنه يهرب منه ولكن هذا الهروب لا ينجيه إذا جاء أجله.

عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنت جالساً مع النبى صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من الانصار فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله أى المؤمنين أفضل ؟ قال : أحسنهم خلقاً
قال : فأى المؤمنين أكيس ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا واحسنهم لما بعده استعدادا ، أولئك الأكياس ، قال القرطبى قال علماؤنا رحمة الله عليهم قوله
عليه السلام ( اكثروا ذكر هازم اللذات الموت ) .

قال الشاعر :

هى القناعه لاتبغى بها بدلاً فيها النعيم وفيها راحة البدن

انظر لمن ملك الدنيا باجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن

روى البخارى عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بين يديه ركوه أو علبه فيها ماء فجعل يدخل يديه فى الماء فيمسح بهما وجهه ويقول لا اله الا الله إن للموت سكرات ، ثم نصب يديه فجعل
يقول ( فى الرفيق الأعلى ) حتى قبض ومالت يده ، وخرج الترمذى عنها
قالت ( ما اغبط أحدا بهون موت الذى رايت عن شدة موت رسول الله
صلى الله علية وسلم ) .

وذكر المحاسبى فى ( الرعاية ) أن الله تعالى قال لابراهيم عليه السلام
( يا خليلى كيف وجدت الموت ؟ قال ( كسفود محمى جعل فى صوف رطب
ثم جذب ) قال ( أما إنا قد هونا عليك يا إبراهيم ) .

وروى أن موسى عليه السلام لما صار روحه إلى الله قال له ربه
( ياموسى كيف وجدت الموت ؟) قال : وجدت نفسى كالعصفورالحى حين يقلى على المقلى لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير .

وروى عنه أنه قال : وجدت نفسى كشاه تسلخ بيد القصاب وهى حيه ،
وقال عيسى بن مريم عليه السلام ( يا معشر الحواريين ادعو الله أن يهون عليكم هذ السكرات ) يعنى سكرات الموت .

موضوع: رد: الموت والحياة 9th أبريل 2009, 11:26 pm

.gif" border="0" alt=""/>

» سائق تكسي يركب معه ملك الموت(قصه مؤثره)